30 - 06 - 2024

تباريح | محنة الإسلاميين

تباريح | محنة الإسلاميين

(أرشيف المشهد)

15-7-2012 | 17:03

أشفق على الأحزاب والتيارات الإسلامية التي تشارك في حكم مصر ، فهي في ورطة حقيقة .

من حيث المبدأ فإن إدارة دولة لا تصلح معها خبرات قيادييهم في إدارة التنظيمات ، وأفكارهم التي تكونت على مدى أعمارهم قامت على نفي الآخر وتسفيهه وادعاء الحق باسم الدين ، ومن ثم فإنهم يتعاملون على مضض مع التيارات الأخرى يسارية وليبرالية .

يساعد على ذلك ما زرعوه على مدى سنوات في أذهان القاعدة العريضة لأتباعهم ، فمن شب على ادعاء الحكمة وادعاء الحق المطلق لن يقبل بأفكار الآخرين ، ولذلك خسر المرشح الرئاسي الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ، حينما حاول مغازلة تيارات أخرى محاولا كسب الجميع.

هناك أيضا ظروف موضوعية تمثل عوائق في وجه نجاح تجربة حكم الإسلاميين لمصر ، فالبنية التي يقوم عليها اقتصاد الدولة تفترض تنمية السياحة ، وهذا يقتضي صون الحريات الشخصية للسائح ، كما يراها من وجهة نظره لا من وجهة نظر مواطني الدولة التي يزورها ، وهذا مالا يستطيع الإسلاميون إقناع جماهيرهم به ، وتفترض أيضا إحداث توازن بين رؤوس الأموال العاملة من قبل في البلاد والمستثمرين الجدد للحفاظ على الاستقرار ، وهناك رأسماليون تابعون لأحزابهم وتياراتهم كانت أموالهم خارج مصر ، وهم يتلمظون الآن لزواج جديد بين الثروة والسلطة يحلون فيه محل شلة الأنس التي سيطرت على كل مفاصل الدولة ، ليس ذلك فحسب بل يتعجلون حدوثه خوفا من أن تتفلت السلطة من بين يد الإسلاميين ، فيعودون إلى سابق عهدهم.

كل ذلك في وجود وسائل إعلامية لا ترحم ، بعضها متعاطف مع النظام القديم ، ويمارس عملية غسيل لأموال رموزه ، وبعضها الآخر لا يطيق سماع كلمة إسلاميين رعبا وخوفا من الفتك بالحريات التي لا يستطيع الإعلام العمل إلا في ظلها ، والنتيجة هواجس وشكوك متبادلة وتصيد للأخطاء من الجانبين.

أما الخارج فعينه على ما يجري ، وهو يراه من منظور مصالحه ، وهناك شبه إجماع غربي في الخفاء على أن دولة قوية في مصر ستخل بتوازن "التسليم للأمر الواقع" القائم حاليا ، وربما يسعد البعض بصعود الإسلاميين أملا في تكرار تجربة السودان .لكن مصر على مدى التاريخ تظل قادرة على أن تخيب ظنون أعدائها .

الإسلاميون في محنة حقيقية وهم في حاجة إلى من يمد لهم يده ، ويقدم لهم نصحا أمينا قائما على نيات سليمة ، فالدخول في معارك تحت لواء الإسلام والعلمانية ليس مفيدا ، والمفيد أكثر حوار بناء وهادف ، لأن مصر في النهاية هي من يجني الثمار أو من يدفع الثمن .

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان